بعد ساعات من إقتحام الثوار في ليبيا للعاصمة طرابلس وقبل أن يستكملوا سيطرتهم عليها أكد أوباما في كلمة له: نحن حلفاء وشركاء لليبيا في المرحلة القادمة ووعد بأن يعمل دبلوماسيون أمريكيون مع المجلس الوطني الإنتقالي لبناء مؤسسات الدولة الليبية. هذه الكلمة تستدعي إلى الذاكرة إصرار بعض قادة المجلس العسكري على كونهم شركاء في الثورة بالرغم من أن الثوار حتى اليوم غير شركاء في الحكم الذي ينفرد به المجلس، فهل سيكون واقع الثورة الليبية أن يسرقها الأمريكان والناتو وحلفاؤهم من الليبين. وإذا كان الواقع قد فرض على الثورة الليبية أن يمثلها إعلاميا رموز المجلس الإنتقالي الذين كانوا أول من إستنجد بأمريكا وحلف الناتو لمساعدتهم، فإن القيادة الفعلية للثوار على الأرض والتي خاضت طوال ستة أشهر حربا ضارية ضد كتائب القذافي لن تقبل بسهولة تسليم وطنها الحر إلى الإستعمار الجديد. فإذا كان أوباما ورفاقه ساركوزي وكاميرون يحلمون بأبار النفط الليبية لتعويض ما تم صرفه على هذه الحملة وبإنتشار لجنود الناتو في قواعد عسكرية على أرض ليبيا تتحكم في الشمال الأفريقي، فإنهم لم يستفيدوا كثيرا من دروس هزائمهم في العراق وأفغانستان مع العلم بأن الصورة في ليبيا ستكون أشد قسوة، فالشعب المسلح الذي ثار على أكبر طاغية وهزم كتائبه، ربما إنقسم قليلا عقب تدخل الناتو في المعركة وظهرت الصراعات القبلية بينه، إلا أنه سيتوحد حتما في وجه من يحلمون بسرقة ثورته وثرواته. ولم يكن غريبا مطالبة ساركوزي وكاميرون المتسرعة لليبيين وحتى قبل إتمام السيطرة على كل المدن بتسليم أسلحتهم للسلطات الأمنية من أجل الإستقرار، لم يذكروا عجلة الإنتاج بعد. إن حكم الجغرافيا والتاريخ وأفاق تطور الثورات الشعبية العربية في وجه الطغاة تحتم على الثورة المصرية والتونسية دعم الثوار في ليبيا والوقوف في وجه الإستعمار الجديد الذي يحلم بإعادة إنتاج نفس الأنظمة التابعة وبإجهاض ثورات الشعوب وإفراغها من مضمونها الوطني وإلا ستتحول ليبيا في حماية الناتو إلى شوكة في ظهر ثورتي مصر وتونس. وبشكل عام يمكن الإستفادة من الأزمة الإقتصادية العالمية التي تعاني منها أمريكا وأوروبا حاليا والمتوقع لها أن تتفاقم، في توجيه ضربة للنظام الإستعماري المريض الذي يبحث عن علاجه في أبار النفط العربية.